3 أرانب

حكايات الهلال للأطفال
يحكيها لكم : سمير عبد الباقي

كانت في حقلنا ترعة صغيرة .. وشجرة جميز كبيرة وعالية جدا .. وفي الحقل توجد ترع واشجار جميز كثيرة .. مثل ترعتنا وشجرتنا .. ولكن في حقلنا شئ ، ربما لايوجد في الحقول الأخري..
وفي حقلنا وفي شجرة الجميز وبين ج>ورها الضخمة بيت صغير .. صغير .. تسكنه ثلاثة أرانب صغيرة .. والبيت ، يشبه كل البيوت ، له باب من خشب التوت وله ثلاث درجات وثلاث نواف> ..
وكانت الأرانب الصغيرة تشبه كل الأرانب ، لها أ>ان طويلة ، و>يول قصيرة ، مثل فصوص القطن .. تستطيع ان تعد : واحد .. أثنين .. ثلاثة ..
وكانت الأرانب الصغيرة تظن أن شجرة الجميز ن هي اكبر شئ في الدنيا .. وتظن أن صواري المراكب ن تصنع من اعواد ال>رة ، لأن صديقها العصفور "كركور" كان يحكي لها دائما عن المراكب ويقول أن الصواري عاليه جدا .. ويحكي حكايات وحكايات ، عن الدنيا الواسعة الكبيرة ..
وفي كل يوم يتشاجر مع "طاطا" صغر الأرانب الثلاثة . كان "طاطا" يقول له:
أكبر شئ في الدنيا هي شجرة الجميز ..
فيضحك "كركور" ويقول له :
أنت صغير لاتعرف عن الدنيا شيئا . فيغضب "طاطا" ويسأله:
طيب .. ما هو اكبر شئ في الدنيا؟
فيرد عليه "كركور" بثقة:
أكبر شئ في الدنيا هو رجل الحدأة !!
وعندما يسمع "طاطا" ه>ا يقفز في الهواء ، ويضحك .. يضحك من قلبه ، يضحك بصوت عالي فتتجمع فئران الحقل وتنظر من بعيد في دهشة وتنظر الضفادع من بين الأعشاب غاضبة ، لآن "طاطا" يقلق راحتها بضحكه ولم يكن العصفور "كركور" يعرف سببا لضحكه كلما يقول له:
أكبر شئ في الدنيا هو رجل الحدأة ، فنقره بمنقاره نقرة شديدة فوق رأسه .. جعلته يسكت فورا .. ويجري وهو يصرخ .. " أبو المنقار الحديد .. أبو لمنقار الحديد" .
وضحكت الضفادع ن وفئران الحقل ، حتي شجرة الجميز ضحكت .. الكل ضحك علي "طاطا" . ومن يومها أصبح أسم العصفور "كركور" أبوالمنقار
وكانت الأرانب الثلاثة مع>ورة ، لأنها لم تخرج من حقلنا أبدا .. ل>لك لم تكن تعرف شيئا عن الحقول الأخري .. وغن كانت تعرف كل مافي حقلنا ..
تعرف فئران الحقل ن وتعرف كل شئ عنها .. طريقة أكلها ونومها .. ولم تكن تحبها كثيرا ، لأنها تخاف من حركتها .
وتعرف أن هناك أسماكا من جميع الأنواع في الترعة..
ولكنها لم تتحدث اليها أبدا .. لآنها بكل اسف لاتعرف لغة الأسماك ..
لقد كانت الأرانب الثلاثة صديقة لكل الحيوانات المهمة في حقلنا.. ولم يكن في حقلنا كثير من الحيوانات ولكنها كانت كل حيوانات الدنيا في رأي الأرانب . كانت الأرانب تحب الجاموسة "نفوسة" .. الجاموسة "نفوسة" التي ترقد دائما تحت شجرة الجميز أمام بيت الأرانب ، عندما تنتهي من عملها وتتركهم يقفزون حولها ويلعبون ويركبون فوق ظهرها ، وهي راقدة تمضغ وتبتسم لهم في طيبة .. وحنان .
واحيانا تتركهم يصيحون في أ>انها .. وأكثر من >لك تركت "طاطا" يشد >يلها مرتين ، وفي يوم من الأيام جلس علي قرنها، وفي كثير من المرات ، كانت الأرانب تقدم لها البرسيم تحت شجرة الجميز.
وكانت الأرانب الثلاثة صديقة للكلب الأسود الكبير"سبع الليل" وفي كل ليلة من الليالي تنام الأرانب الثلاثة ، في هدوء وأمان ، وقلبها كله إطمئنان ، لأن سبع الليل ينبح في الخارج كل ليلة .. وكانت احيانا تعود حراسته ا>ا تأخرت ي العودة الي البيت.
وفي الحقل .. يعيش الديك المنقوش المنفوش "ابو فريك" ال>ي لا يكلم احد أبدا .. ويسير دائما في عظمة وينبش التراب في وقار ليبحث عن حبة فول .. ويصعد الجدارالعالي في قفزة واحدة ، لكي يصيح في الفجر .. ويوقظ الجميع ..
·
صاح الديك .. وفتح "طاطا" الباب ونظر إليه .. كانت ه>ه هي صيحة الديك الثالثة .. وبعدها تستيقظ الشمس .. وقال "طاطا" لنفسه وهو ينظر الي الديك في إعجاب :
منفوش ومغرور . لكن عندك حق يا " أبو فريك " .. فالشمس نفسها تسمع كلامك واوامرك! خرج "طاطا" .. وبعده الرنبان الآخران ، وسار الثلاثة الي الترعة .. وغسلوا وجوههم وأسنانهم .. وضايق "طاطا" "بلطية" كبيرة بفرشاة أسنانه .. فأمسك بها وكادت تشده الي قاع الترعة .. لولا أنه تركها وجري ليلحق بصديقه ...
لم يكن"طاطا" سعيدا لضياع فرشاة أسنانه التي كانت هدية من صديقه "كركور" في عيد ميلاده .
ولكنهقال لنفسه:
ضياع فرشاة أفضل ألف مرة من حمام بارد.!
أنطلقت الأرانب الثلاثة الي الحقل للبحث عن الطعام .. وفي الطريق قابلتهم "نفوسة" خارجة للعمل في همة ونشاط . ولما حيثهم سألها "طاطا" :
ميعاد اللعب قرب والافات؟
وبنظره من "نفوسة" فهم "طاطا" إنها مشغولة فابتعد عن طريقها وتمني لو تستطيع أن يساعدها ..
وبالقرب من "الدوار" جلس " سبع الليل " يستعد للنوم ، [‘{ أن ظل ساهرا طول الليل . ولكنه عندما رأهم . رفع رأسه ونادي عليهم . وطلب منهم الا ينسوا بعد >لك إغلاق باب بيتهم ..ولما >هب اليه طاطا ليشكره علي اهتمامه .. كان "سبع الليل" راح في نوم عميق ولم يرد عليه .. لم يعجب ه>ا التصرف "طاطا" وأراد أن يحتج ، ولكنه وضع يديه علي رأسه فجأة وجري بسرعة عندما رأي "كركور" يطير فوق رأسه .. بالضبط .. وسأل الأرنب صديقهم "كركور"
الي اين >اهب يا "كركور:؟!
وأضاف "طاطا"وهو يخفي رأسه .. أبو المنقار الحديد .! ورد "كركور" وهو مستمر في الطيران: عندي لكم مفاجاة .. فسأله "طاطا": مفاجاة؟! .. ما هي ؟!قل لنا .!!
فرد عليه "كركور" ضاحكا: أ>ا أخبرتكم .. فكيف ستكون مفاجأ ؟!.
وأختفي "كركور" قبل أن يتنبه أحد لبقية كلامه .. أو يفهم معناه .؟
وعند الظهر عاد "كركور" حزينا .. فضحك طاطا وقال له :
هه .. اين المفاجأة يا صاحب المفاجآت ؟
فرد "كركور" :
أحد أصدقائي سيحضر ليعيش معنا هنا .. صديق لاتعرفونه ..
فقال "طاطا" ساخرا ك
عدت مرة أخري تحكي حكايات خرافية ، من يكون صديقك ه>ا ال>ي لا نعلافه ؟!
قال "كركور" .. لا أعرف اسمه ، ولكنيأعرف إنه حمار ..
فضحك "طاطا" وقال : حمار ؟! .. وما هو الحمار؟!
ليس فس الدنيا شئ اسمه حمار .. أخترع يا "كركور" أخترع !!
ولم يستطيع "كركور" أن يرد .. فصديقه تأخر فعلا عن الميعاد .. ففضل السكوت . بينما جلس الأرنب الكبير أمام البيت يرص بعض الأخشاب ، أما "طاطا" فقد وقف يغيظ "كركور" وهو يضع يديه علي رأسه . خوفا من وصول المناقشة الي درجة حامية ، ويضطر "كركور" لاستعمال منقاره !..
وأستمر "طاطا" يقول لـ "كركور" : الأفضل أن تعترف أن الترعة هي حدود العالم . وأنه لاتوجد حقول أخري أو حيوانات اخري غير الموجودة في ه>ا الحقل
و"كركور" يقول بثقة :
العالم واسع وكبير ، وبه الكثير من الحمير
ورد "طاطا" وقال:
ح>رتك كثيرا يا "كركور" .. لا تطر في الصباح بدون إفطار فتتخيل أشياء خيالية .. بسبب بطنك الخالية ..!
وكاد "كركور" ينقره من الغيظ .. ولكنه صبر وهو يتمني ان يصل صديقه الحمار ليثبت صدقه .. وفجأة قفز "كركور" في الهواء وطار سعيدا مغردا .. وتعثر الأرنب الثاني في جردل الماء .. وأرتجف الأرنب الكبير من الخوف .. وجري طاطا الي البيت ، وفي لحظة كان تحت السرير!!
وأهتزت شجرة الجميز ، وهربت الأسماك وأختفت الضفادع بسبب صوت عال رهيب ن ملأ الحقل والفضاء كله..
حاء .. حاء .. حاء.. هر .. هي .. ها ...
صوت سمعوه لأول مرة في حياتهم .. لم يكن صوتا جميلا أو طيبا .. فلابد ان مصدره شئ رهيب وخطير .. ول>لك عندما عاد الصوت مرة أخري ..